مقالات وبحوث

صيف ثقافي ساخن

بقلم : نائب رئيس التحرير علي المسعودي

خلق الله تعالى الكون جميلا، وكل إضافة ثقافية بشرية لهذا الكون هي إضافة جمالية، وفق

الرؤية المُقلى التي تعد مطلباً أساسياً لكل بناء ثقافي لا يتمرَد على القيم والأخلاق والذوق العام وكرامة الإنسان.

والعلاقة بالثقافة تحددها هواجس فهم التراكمات التاريخية مكاناً وزماناً لخصوصية كل شعب، بتعبيراته التاريخية وتراثه، ومفردات حياته اليومية، وتأثيرات القيم المرحلية.. مرورا عبر الأجيال.

أيام قليلة ويحين موعد معرض الدوحة الدولي للكتاب.. في تحد ثقافي جديد تخوضه وزارة الثقافة وصولا إلى تحقيق المستوى اللائق بتوجّه عام أسست له دولة قطر بسمعتها الإقليمية الناصعة التي أثبتتها حضوراً متميزاً في كافة الأصعدة، وفي عدة محافل عالمية مشهودة.

أقول أنه تحدٍّ جديد .. لعدة أسباب منها التوقيت المفاجئ بالنسبة لجمهور يستقبل المعرض في أشهر الصيف حيث تكثر الإجازات ويزدهر موسم السفر.. بالإضافة إلى توافق إقامته مع منتصف الشهر وما قيل إنه ربما لايلائم ذوي الدخول المتوسطه الذي يفضلون أن يكون موعد إقامة مثل هذه الفعالية المنتظرة في وقت يتوافق مع إيداع الرواتب، لإتاحة فرصة الشراء بشكل غير مرهق.. لكن للأمر أسبابه ومتطلباته التي لم تكن خافية على مسؤولي إقامة هذا المحفل الضخم.. والمهم.

لكن التوسع في النظرة وشمولية الرؤية تحتّم التفاؤل بالنتيجة

لا يمكن لأي أحد أن يتجاهل الدور الأساسي الذي يلعبه الفعل الثقافي في تشكيل آليات التواصل والاندماج بين الأفراد والجماعات وكل جزئيات إنتاج القيم والأنساق الفكرية.

لذلك -شخصيا- أتوقع نجاحا يفوق المتوقع.. سيبعث الرضا ، متكئا في حدسي هذا على تجربة معرض الكتاب الرمضاني القريبة التي كانت مذهلة في نجاحها وعمق أثرها، رغم كل الصعوبات التي رافقت إقامته، حين تفاعل الجمهور بشكل ملحوظ و امتلأ مقر درب الساعي بأسر متعطشة لفسحة مختلفة تسحبها من روح الاستهلاك المستشرية لدى كثير من جيل الشباب

وإرساء حالة ثقافية تفاعلية يتوفر فيها الكتاب ويتاح فيها الحوار مع الأدباء والتفاعل مع الندوات وتكوين حالة تناغم اجتماعي بالاهتمام العام..

المأمول دائما من هذا المعرض أن يؤسس حالة  تشجيع إنشاء  مكتبات في كل بيت ومناقشة أفكار الكتاب والمتحدثين والحضور والقرّاء وقرءاة العناوين ومطالعة تصاميم الكتب وفنون إخراجها.. وتأمّل الأجنحة التي تعرض مخطوطات ورسومات ولوحات وزيارة الأركان التي تقدم مادة ثرية للأطفال وجيل النشء، ومعايشة جماليات الالتقاء بالكتاب المؤلفين وشهود احتفالات التوقيع التي يقيمونها لتعزز تشجيع التأليف والقراءة والتقارب بين الكاتب والمتلقي.. مستحضرين النجاح المميز الذي تحقق لمعرض الكتاب الذي أقيم في ظروف أكثر صعوبة أثناء أزمة كورونا العالمية.

وماهذه النجاحات السابقة والنجاحات المأمولة اللاحقة باذن الله والتي تحققها الوزارة بأركانها ومسؤوليها في كل القطاعات بقيادة وزير مثقف ثقافة عربية أصيلة تستقي فكرها من تراث عربي عميق وعظيم شعرا ونثرا.. مع جدية في العمل تهدف إلى ملء المكان وتحقيق المكانة بما يلائم الطموح وينفع المجتمع، وفق ما توليه وتمليه القيادات الواعية من اهتمام كبير بسياستها الثقافية، بالدعم المادي والمعنوي بغية تجويد عيشها المشترك والانفتاح على طاقاتها وكفاءاتها الخلاقة المبدعة داخل مجتمعاتها. وبذلك، نجد الفعل الثقافي واضحاً فاعلاً مؤثّراً في الفضاءات العامة، يسهم في تكامل الدور التربوي الذي تقوم به المدرسة، وينسجم مع الجانب التوعوي التأديبي الذي يمارسه المسجد.

وكم نحن بحاجة إلى ترميم وعي جيل كامل يكاد يمضي بقناعات مهشّمة.. !!

Email:

ali@arabicadab.com

Twitter:

@allmasoudi

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق