رحل عن عالمنا أمس الشاعر كميدش بن نعمان الكعبي، المولود في عام 1947 بالهير في منطقة العين، وهو شاعر فذ، تجسد سيرته الثقافية ارتباط الإماراتيين القديم بالتعليم والثقافة والتراث، وقد ترعرع، رحمه الله، في كنف أسرة محبة للعلم والثقافة والأدب، وكان والده من كبار الشعراء في المنطقة.
سيرة ذاتية
سيرة الراحل مواكبة لتطور التعليم في الدولة، فقد تلقى تعليمه في الكتاتيب، ثم حفظ القرآن الكريم، قبل أن يجسد بشخصه رمزاً من رموز شعر الزمن الجميل، الذي أنتجه جيل الرواد ممن سجلوا اهتماماً بالتراث والثقافة العربية.
أبدع الراحل وصاغ أروع القصائد والأشعار، وتميز بأسلوبه الأدبي الجميل، ليس هذا فحسب، بل مزج في شعره العامية البحتة وشذرات من الفصحى وملامحها بحروف شعرية استثنائية، وكان نتاجه الشعري علامة فارقة في القصيدة الإماراتية.
عاش الراحل محباً للطبيعة والصحراء، وكان يقرأ الطبيعة ويتذوق جمالها، الأمر الذي أثر في خصوبة شعره وروعة سبكه وعمق معناه.
قوة السبك
وأكد د.راشد المزروعي، الباحث في التراث الإماراتي والأدب الشعبي، وهو الذي حقق وبحث في ديوان «نسيم الصبايا» موثقاً أشعار وإبداعات الشاعر الراحل كميدش بن نعمان، أن الشاعر الراحل أحد أشهر شعراء الإمارات، وأحد فطاحلة شعراء الزمن الجميل، إذ اشتهر في مجالس الشعراء في كل أرجاء دولة الإمارات، كما أن قصائده صدحت بها حناجر العديد من الفنانين الإماراتيين، ومنهم علي بن روغة، ما رسخ من أهميته الشعرية في زمنه، وزاد من حضوره بين أوساط المبدعين.
وتابع: أصبحت قصائده تتردد على كل لسان؛ لما فيها من عذوبة وجمال، فشعر كميدش بن نعمان، رحمه الله، يتميز بقوة السبك وسلاسة الأفكار، إذ يشعر قارئها بأنه أمام لوحة شعرية متفردة، تنقله إلى جو خيالي بديع من بيئة الشاعر الجبلية والرملية التي عاش فيها.
جمال المعنى
وأشار المزروعي إلى أن لكل قصيدة من قصائد الراحل نتاجها الخاص النابض بجمال المعنى وبلاغة الكلمة والصور البلاغية الوصفية التي أثرت على مستوى الراحل في المجال الشعري، فاعتبرت قصائده من أقوى القصائد النبطية، بما تحمله بين طياتها من صور بلاغية وحكم تجعلك تقف احتراماً لهذا الشاعر الذي طوّع الكلمات لتأتي بقصائد معبرة ترفل بالمحبة والجمال، ومنها على سبيل المثال لا الحصر قصيدته «العصماء» التي غناها الفنان ميحد حمد.
وأضاف المزروعي: للشاعر الراحل الكثير من القصائد الوطنية التي تغنى بها بمناقب ومآثر قادة الإمارات الكرام، حيث أبدع في شعره بوصف إنجازات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الخالدة ودوره في قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ يقول في إحدى قصائده:
رابي على المجد مترعرع في مرباعه
من يوم منشاك يوم انته في المهادي
تطوير الأغنية
ولفت المزروعي إلى أن للشاعر الراحل دوراً كبيراً في تطوير الأغنية الشعبية الإماراتية، كما أن لقصائده وقعاً كبيراً لدى جمهور المستمعين، ومن أهم قصائده المغناة «نسيم الصبايا». وقد أدخل إلى الأغنية الشعبية مفردات جديدة، وكان رافداً لأغاني علي بن روغة، إلى جانب الشاعر سالم بن محمد الجمري، فكلاهما تعاون مع بن روغة، كما أسهما في تطوير الأغنية الشعبية ناحية المضمون والمفردة، إذ تعد إبداعاتهما قابلة للتجديد والغناء في كل مكان وزمان.
وختم المزروعي: نال الشاعر الراحل العديد من التكريمات على مسيرته الإبداعية الحافلة بالعطاء الغزير؛ إذ كرّمه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، عام 2015 في مركز الشارقة للشعر الشعبي، تقديراً لإسهاماته الشعرية في دولة الإمارات، كما كرّمه مركز زايد للبحوث والدراسات بنادي تراث الإمارات في عام 2017، وغيرها الكثير من التكريمات.
المصدر : جريدة أحوال الإمارات