قصائد
قصيدة: أين الضجيجُ العذبُ والشغبُ؟!
من روائع الأدب العربي قصيدة الشاعر السوري عمر بهاء الدين الأميري رحمه الله التي تصف حال الوالدين بعد زواج الأولاد (ذكوراً وإناثاً) وتركهم لبيت العائلة.
هذه القصيدة قالها في الحنين إلى أولاده حينما سافروا وتزوجوا وتركوه وحيداً في بيته.
أين الضجيجُ العذبُ والشغبُ
. أين التدارسُ شابه اللعبُ ؟
أين الطفولةُ في توقدها
. أين الدمى في الأرض والكتب؟
أين التشاكسُ دونما غرضٍ
. أين التشاكي ماله سبب؟
أين التباكي والتضاحكُ في
. وقت معا والحزنُ والطرب؟
أين التسابقُ في مجاورتي
. شغفا إذا أكلوا وإن شربوا؟
يتزاحمون على مجالستي
. والقربِ مني حيثما انقلبوا
يتوجهون بسوْقِ فطرتهم
. نحوي إذا رهبوا وإن رغبوا
فنشيدُهم: ( بابا ) إذا فرحوا
. ووعيدُهم: ( بابا ) إذا غضبوا
وهتافهم: ( بابا ) إذا ابتعدوا
. ونجيهم: (بابا) إذا اقتربوا
بالأمسِ كانوا مِلءَ منزلنا
. واليوم ويح اليوم قد ذهبوا
وكأنما الصمت الذي هبطت
. أثقالُه في الدار إذ غربوا
إغفاءةَ المحمومِ هدأتها
. فيها يشيعُ الهمُ والتعبُ
ذهبوا أجل ذهبوا ومسكنُهم
. في القلبِ ما شطوا وما قربوا
إني أراهم أينما التفتَتْ
. نفسي وقد سكنوا وقد وثبوا
وأحسُّ في خلَدي تلاعبَهم
. في الدار ليس ينالهم نصبُ
وبريق أعينهم إذا ظفروا
. ودموع حرقتهم إذا غلبوا
في كلِّ ركنٍ منهم أثرً
. وبكل زاوية لهم صخبُ
في النافذات زجاجها حطموا
في الحائط المدهون قد ثقبوا
في الباب قد كسروا مزالجَه
. وعليه قد رسموا وقد كتبوا
في الصحن فيه بعضُ ما أكلوا
. في علبة الحلوى التي نهبوا
في الشطر من تفاحةٍ قضموا
. في فضلةِ الماءِ التي سكبوا
إني أراهم حيثما اتجهتْ
. عيني كأسرابِ القطا سرَبوا
دمعي الذي كتمته جَلدا
. لما تباكوا عندما ركبوا
حتى إذا ساروا وقد نزعوا
. من أضلعي قلبا بهم يجبُ
ألفيتني كالطفل عاطفةً
. فإذا به كالغيثِ ينسكبُ
قد يعجب العذالُ من رَجلٍ
. يبكي ولو لم أبكِ فالعجبُ
هيهات ما كل البكا خَوَر ٌ
. إني وبي عزمُ الرجالِ أبُ
—————————
▪️ على الأولاد المتزوجين (ذكوراً وإناثاً) أن يراعوا هذا الإحساس وهذا الشعور لدى الوالدين، وأن يتعاهدوهم بالزيارة وعدم نسيانهم وأن لاينشغلوا عنهم بمشاغل الحياة.