مقالات وبحوث

حديث النهر لـ النجمة

.. حديث النهر لـ النجمة ..

بقلم:  نائب رئيس التحرير علي المسعودي 

اسمها نجمة..
ولكل امرئ من اسمه نصيب
هداية للسائرين في دروب الأدب
وأنس المتأملين في سماء الفكرة
وضماد المتألمين من رماد العمر
أصدرت النجمة المتلألئة روايتها.. (سيرة الغائب) استكمالا لمشروعها الفكري الإبداعي والجاد.. وكان من حسن حظي ان اطـّلع على مخطوط الرواية.. وأعرف خبايا مامر به العمل الابداعي الجميل من عقبات.. تجاوزتها الكاتبة بذكاء المفكر الذي يستطيع عبور النهر مرتين خلافاً لما قرره هرقليطس قبل أكثر من ألفي سنة عن استحالة هذا العبور ..

وكم مرة رمت لي نجمة طوق نجاة.. وأخرجتني من الغرق مبللا بالظنون

عام 1996 فاجأتني بدعوة إلى محاضرة ادبية تناقش فيها مجموعتي القصصية (تقاطيع)..

جلست بجوارها على خشبة مسرح الرابطة وأمامي حضور من النخبة المثقفة

حين بدأت نجمة إبحارها في روح الحبر وجروح الكاتب.. تلمّ كل ما وقع في الطريق من حنطة ودموع.. ونبضات تجمعها في سلة وتقولبها في مطبخها النقدي الماهر..

في منتصف حديثها من تلك المحاضرة هممت أن استأذن الحضور لأخرج من القاعة.. لفرط توغلها في نفسي الى الدرجة التي خشيت ان تكشف عن الرجل الذي لم اذكر اسمه في قصة (سيد المحو) او تعلن اسم المرأة التي خبأتها بين سطور قصة (الرقصة الأخيرة)

كتبت نجمة إدريس عني كثيرا..

طوال رحلتي من الإصدارات الادبية التي ابتدأت منذ 1992 حتى اليوم، لا يكاد إصدار يمر بين يديها.. الا وتمسح بمنديلها صندوق الفكرة ليطير منه الحمام..

تتجاوز الكتابة لتقرأ الكاتب بقدرة عجيبة على تعرية المشاعر.. الى درجة مخيفة.

علقت مرة على صورة لي من زمن الطفولة
تعليقاً مفاجئاً يشرح حالتي لحظة الصورة، و ظرفي النفسي الذي تقوله نظراتي ولون بشرتي في اللقطة الفوتوغرافية،
كأنها كشفت غطاءً فوجدتني مختبئاً تحته لا أريد لأحد أن يرى الطائر بلا أجنحة
هذه هي المرة الأول التي اخط فيها معبرا عن إجلال قديم لمسيرتها الأدبية عدا مرات عابرة كتبت فيها خبراً صحفيا أو قراءة سريعة لإصدار شعري أو نثري أنتجَته
لكني أذكر خلال اشرافي على الموسم الاول من برنامج امير الشعراء في أبو ظبي عام 2007،  طلب مني الراحل محمد المزروعي ان اكتب له مجموعة اسماء مقترحة لتكون لجنة تحكيم المسابقة.. فكان الاسم الأول الذي كتب نفسه في ذهني قبل أن اكتبه على الورق هو اسم (نجمة ادريس)..

ولا أدري من الذي غيّب النجمة التي رسمتُها عن تلك السماء..

علي المسعودي

ali@arabicadab.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق