أدبالشعر والأدب العربي في العصر الحديث
الأدبُ في العَصْرِ الحَديثِ
المطابِعُ في الظُّهورِ والانتِشارِ.
أمَّا بلادُ المغرِبِ العَربيِّ فقد أخَّرها عن اللَّحاقِ برَكبِ الازدِهارِ الأدبيِّ الاحتلالُ الأوروبِّيُّ الغاشِمُ، الذي أباد مظاهِرَ الوَحدةِ العَرَبيَّةِ، وسعى إلى تمزيقِ المغرِبِ إلى دُوَيلاتٍ، فأوجد أنظِمةً خاصَّةً بالعَرَبِ، وأُخرى للبربَرِ، إلَّا أنَّ بُشرَياتِ الازدِهارِ الأدبيِّ جاءت في أواخِرِ القَرنِ التَّاسِعَ عَشَرَ وأوائِلِ العِشرينَ الميلاديِّ، حينَ ظهَرَت صحيفةُ المغرِبِ وأُنشِئَت المطابِعُ، وتأسَّسَت جامعةُ القَرَويِّينَ التي تُدَرِّسُ العُلومَ الشَّرعيَّةَ واللُّغَويَّةَ، كما ظهَرَت مجلَّةُ زينِ العابِدينَ في تُونُسَ، وظهرَت حرَكاتُ الاستِقلالِ، واشتَهَر من الشُّعَراءِ: محمَّد المختار، والسُّوسي، وعلَّال الفاسيُّ، وأبو القاسِمِ الشَّابِّي، وأحمد رفيق المهداويُّ، وأحمدُ الشَّارفُ، ومن الأُدَباءِ: محمَّد المزالي، ومحمد المسعديُّ .
ومع مُرورِ الوَقْتِ كَثُرَت المطابِعُ، واهتَمَّ أصحابُ المطابِعِ بنَشْرِ كُتُبِ التُّراثِ، كما حَرَص المُستَشرِقونَ على طَبْعِها بهَدَفِ مَعرفتِهم بالشَّرقِ، وبهَدَفِ دَسِّ الشُّبُهاتِ فيها؛ ولهذا ظَهَرت المناهِجُ العِلميَّةُ لدراسةِ التُّراثِ، ودعا الكُتَّابَ إلى إحياءِ التُّراثِ في الدِّراساتِ الجامِعيَّةِ بَدَلًا مِنَ الإنشاءِ والتَّأليفِ، فطُبِعَ الصَّحيحانِ، وكُتُبُ الفِقْهِ والتَّفسيرِ، وكِتابُ الأغاني، والكامِلُ في التَّاريخِ.
وقد تلقَّت الأُمَّةُ العَرَبيَّةُ بَعدَ ذلك دَعَواتٍ هَدَّامةً، كدَعَواتِ تَرْكِ الإعرابِ، والدَّعوةِ إلى العامِّيَّةِ وجعْلِها لُغةً في الكِتابةِ الأدَبيَّةِ والرَّسْميَّةِ، وغَيرِ ذلك مِنَ الدَّعَواتِ، فَضْلًا عن الحَرَكاتِ التَّنصيريَّةِ، إلَّا أنَّ اللُّغةَ العَرَبيَّةَ كانت أقوى مِن تلك الدَّعَواتِ جَميعًا.