أدب
مَفْهومُ الأدَبِ – الأدَبُ لُغةً
يَرجِعُ أصْلُ كَلِمةِ “الأدَبِ” في اللُّغةِ إلى مَعنى الدُّعاءِ، ومِنه قيلَ للوَليمةِ: مَأدُبةٌ؛ لأنَّ صاحِبَها -وهُو الآدِبُ- يَدْعو النَّاسَ إليها. ومِن ذلك قولُ طَرَفةَ بنِ العبْدِ:
نحنُ في المَشْتاةِ نَدْعو الجَفَلى
لا تَرى الآدِبَ فينا يَنْتَقِرْ
ومِنه سُمِّيَ التَّحلِّي بالصِّفاتِ الحَميدةِ ودَعْوةُ النَّاسِ إليها والبُعدُ عنِ الصِّفاتِ الذَّميمةِ أدَبًا؛ قالَ الأزْهَريُّ: (والأدَبُ الَّذي يَتأدَّبُ به الأديبُ مِنَ النَّاسِ، سُمِّيَ أدَبًا؛ لأنَّه يَأدِبُ النَّاسَ الَّذين يَتعلَّمونَه إلى المَحامِدِ، ويَنْهاهم عن المَقابِحِ، يَأدِبُهم، أي: يَدْعوهم) .
ولذلك يُطلَقُ الأدَبُ على الظَّرْفِ وحُسْنِ التَّناوُلِ، وهو أدَبُ النَّفْسِ والدَّرْسِ، يُقالُ: أَدُبَ أدَبًا فهو أديبٌ .
وعلى المَعْنيَينِ يُحمَلُ قولُ عبْدِ اللهِ بنِ مَسْعودٍ رَضيَ اللهُ عنه: (إنَّ هذا القُرآنَ مَأدُبةُ اللهِ، فمَنِ اسْتَطاعَ أنْ يَتعلَّمَ مِنه شيئًا فلْيَفعَلْ؛ فإنَّ أصفَرَ البُيوتِ مِنَ الخَيْرِ البَيْتُ الَّذي ليس فيه مِن كِتابِ اللهِ تَعالى شيءٌ، وإنَّ البَيْتَ الَّذي ليس فيه مِن كِتابِ اللهِ شَيءٌ خَرِبٌ كخَرابِ البَيْتِ الَّذي لا عامِرَ له، وإنَّ الشَّيطانَ يَخرُجُ مِنَ البَيْتِ يَسمَعُ سورةَ البَقرةِ تُقرَأُ فيه) .
فإمَّا أن يكونَ أرادَ بالمَأدُبةِ: ما يَصنَعُه للنَّاسِ، تَشْبيهًا بالمَأدُبةِ الَّتي يَصنَعُها الرَّجلُ يَدْعو النَّاسَ إليها، أو يكونَ أرادَ بها التَّأديبَ والتَّهْذيبَ