قريط بن أنيف: هُوَ شَاعِر إسلامي وَالسَّبَب الَّذِي من أَجله قَالَ هَذَا الشّعْر مَا حدث بِهِ أَبُو عُبَيْدَة قَالَ أغار نَاس من بني شَيبَان على رجل من بني العنبر يُقَال لَهُ قريط بن أنيف فَأخذُوا لَهُ ثَلَاثِينَ بَعِيرًا فاستنجد قومه فَلم ينجدوه فَأتى مَازِن تَمِيم فَركب مَعَه نفر فأطردوا لبني شَيبَان مائَة بعير فدفعوها إِلَيْهِ فَقَالَ هَذِه الأبيات ومازن هُنَا هُوَ ابْن مَالك بن عَمْرو بن تَمِيم أخي العنبر بن عَمْرو بن تَمِيم هَذَا وَقصد الشَّاعِر بِهَذِهِ الأبيات أَن يحمل قومه على الانتقام لَهُ من أعدائه وَلم يقْصد إِلَى ذمهم وَكَيف يذمهم وعار الذَّم رَاجع إِلَيْهِ.
قال الشاعر:
لَو كنت من مَازِن لم تستبح إبلي … بَنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا
هم بَنو مَازِن ابْن مَالك بن عَمْرو بن تَمِيم
الاستباحة الاستئصال وَعدم الاستبقاء وَقَوله بَنو اللقيطة هَكَذَا رَوَاهُ شرَّاح الحماسة قَالَ أَبُو مُحَمَّد الْأَعرَابِي وَالصَّوَاب إِن شَاءَ الله مَا أنْشدهُ أَبُو الندى وَذكر أَنه لقريط بن أنيف
قَالَ والشقيقة هِيَ بنت عباد بن يزِيد بن عَوْف بن ذهل بن شَيبَان وَأما اللقيطة فَهِيَ أم حصن بن حُذَيْفَة من بني فَزَارَة وَلَا اتِّصَال لَهَا بذهل بن شَيبَان
إِذا لقام بنصري معشر خشن … عِنْد الحفيظة إِن ذُو لوثة لانا
خشن بِضَمَّتَيْنِ جمع خشن وَقيل جمع أخشن الصعب الَّذِي لَا يلين
والحفيظة الْغَضَب فِي الشَّيْء الَّذِي يجب عَلَيْك حفظه
واللوثة الضعْف يَقُول لَو كنت من هَذِه الْقَبِيلَة لما أغار بَنو ذهل على إبلي واستأصلوها أخذا ونهبا وَلَو كَانَ ذَلِك لقام بنصري قوم صعاب أشداء يدْفَعُونَ عني وَيَأْخُذُونَ بحقي مِمَّن اعْتدى عَليّ وظلمني إِذا لَان ذُو الضعْف لم يدْفع ضيما وَلم يحم حَقِيقَة
قوم إِذا الشَّرّ أبدى ناجذيه لَهُم … طاروا إِلَيْهِ زرافات ووحدانا
إبداء الشَّرّ ناجذيه مثل لِشِدَّتِهِ وصعوبته
والزرافات الْجَمَاعَات يصفهم بالإقدام على المكاره والإسراع إِلَى الشدائد لَا يتواكلون وَلَا يتخاذلون وَلَا ينْتَظر بَعضهم بَعْضًا بل كل يرى أَنه حقت عَلَيْهِ الْإِجَابَة فيسرعون مُجْتَمعين وَمُتَفَرِّقِينَ
لَا يسْأَلُون أَخَاهُم حِين يندبهم … فِي النائبات على مَا قَالَ برهانا
يندبهم أَي يَدعُوهُم
يَقُول إِذا دعاهم أحد لينصروه على أعدائه أَسْرعُوا إِلَى الْحَرْب وَلَا يسْأَلُون عَن سَببهَا وَلَا يتعللون كَمَا يتعلل الجبان
لَكِن قومِي وَإِن كَانُوا ذَوي عدد … لَيْسُوا من الشَّرّ فِي شَيْء وَإِن هانا
يصف قومه بِأَنَّهُم يهابون الْحَرْب لعدم حماستهم وَإِن كَانُوا ذَوي عدد كثير
يجزون من ظلم أهل الظُّلم مغْفرَة … وَمن إساء أهل السوء إحسانا
يَقُول إِن قومه لم يكن فيهم حماسة حَيْثُ بلغ بهم الْجُبْن إِلَى أَنهم يسامحون من ظلمهم ويحسنون إِلَى من أَسَاءَ إِلَيْهِم
كَأَن رَبك لم يخلق لخشيته … سواهُم من جَمِيع النَّاس إنْسَانا
هَذَا الْبَيْت وَمَا قبله نبه بهما على أَن احتمالهم الْمَكْرُوه إِنَّمَا هُوَ لاحتساب الْأجر فِي زعمهم فَكَأَن الله لم يخلق لخوفه غَيرهم
فليت لي بهم قوما إِذا ركبُوا … شدوا الإغارة فُرْسَانًا وركبانا
قَوْله شدوا الإغارة ويروى شنوا الإغارة أَي فرقوها والفرسان الراكبون على الْخَيل والركبان على الْإِبِل يتَمَنَّى الشَّاعِر أَن يكون لَهُ قوم بدل قومه إِذا ركبُوا لمحاربة الْأَعْدَاء مزقوهم كل ممزق حَالَة كَونهم فُرْسَانًا وركبانا