أخبارمقالات وبحوث

«تكلموا عربي» !

كان المشهد سيريالياً عندما صعد المسؤول السعودي أمس إلى منصة مؤتمر القمة العالمية للذكاء الاصطناعي المنعقد في العاصمة السعودية، فتحدث باللغة الإنجليزية ووضع المستمع السعودي الحاضر سماعة الترجمة على أذنه !

مشهد يختصر الكلام في نقد المسؤولين الذين يتحدثون باللغة الإنجليزية في المؤتمرات والمنتديات التي تعقد في المملكة، فبغض النظر عن وجود إلزام للمسؤولين السعوديين بالتحدث باللغة العربية في المؤتمرات والاجتماعات التي تعقد داخل المملكة باستثناء الفنية المتخصصة منها إلا أنني تمنيت أن يكون الدافع هو الاعتزاز باللغة العربية وبالثقافة المحلية والهوية الوطنية التي تشكل اللغة أهم عناصرها !

وأرجو ألا يرد أحد بأن المؤتمر موجه للخارج وليس للداخل، فهذا عذر يستحق نقداً أقسى من نقد الموضوع الأصلي، فجميع المؤتمرات التي تعقد في بلدان العالم المتقدم، وحضرت العديد منها، يتحدث مسؤولو بلدانها بلغاتهم الأم حتى وإن كانت مؤتمرات عالمية، وسبق أن ضربت مثلاً بالقانون الفرنسي الذي لا يسمح للمسؤولين الفرنسيين بالتحدث بغير اللغة الفرنسية في الاجتماعات الرسمية، ورويت قصة حضور اجتماع بوزارة الثقافة الفرنسية مع نائب الوزير احتجنا فيه إلى مترجمين اثنين باللغة الإنجليزية والعربية لتبادل الحوار مع المسؤول الفرنسي، وفي نهاية الاجتماع دعانا للقيام بجولة داخل المبنى التاريخي للوزارة، لنفاجأ بأنه يحدثنا باللغة العربية، وعندما مازحته أنه كان يمكن توفير الكثير من الوقت لو أننا تخاطبنا في الاجتماع باللغة العربية، كان جوابه أن القانون يمنعه من ذلك !

إذن المسألة لا عذر فيها لأي مسؤول سعودي يتحدث في مؤتمر يعقد في السعودية نظاماً وثقافة، فالفقرة (د) التي أضافها مجلس الوزراء عام 2018 للبند الرابع من ضوابط عقد المؤتمرات والندوات في المملكة نصت «تعتمد اللغة العربية لغة رسمية في المؤتمر أو الندوة، وعلى المشاركين المتحدثين باللغة العربية التقيد باستخدامها، ويجوز استخدام لغات أخرى في المؤتمرات والندوات الفنية والتخصصية التي تستلزم ذلك». أما من حيث الثقافة فلن أذكر بأن اللغة مصدر الاعتزاز عنوان الهوية لأي مسؤول ومواطن !

ختاماً.. تحية واجبة لمنتدى المحتوى المحلي الذي عقد الأسبوع الماضي في الرياض وكانت الكلمات الإنجليزية الوحيدة التي سمعتها لغير المتحدثين الأجانب، من المضيفة الفلبينية: «How do you want your coffee» !

المصدر : عكاظ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق